(يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا فرغ أحدكم من) قراءة (التشهد الأخير) سواء كانت الصلاة من الرباعية أو الثلاثية أو الثنائية؛ أي: إذا قرأ أحدكم التحيات لله والصلوات ... إلى آخرها، سميت بالتشهد؛ لاشتمالها على الشهادتين، تسمية للشيء ذي الأجزاء باسم أشرفها؛ أي: إذا فرغ من قراءة التشهد مع ما بعده من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وآله .. (فليتعوذ بالله) تعالى؛ أي: فليستعذ به (من أربع) أمور، قال القاضي عياض: تعليمه لهم الدعاء وحضهم عليه وفعله يدل على مكانة الدعاء وشرفه، وأن من أوقاته المرغب فيه إثر الصلاة، وفيه جواز الدعاء في الصلاة بما ليس من القرآن، ومنعه أبو حنيفة. انتهى.
وفي هذا الحديث تعيين محل هذه الاستعاذة بعد التشهد الأخير، وهو مقيد، وحديث عائشة المروي في "الصحيحين" و"السنن" بلفظ: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة: اللهم؛ إني أعوذ بك من عذاب القبر ... ) الحديث .. مطلق؛ فيحمل على هذا الحديث، وهو يرد ما ذهب إليه ابن حزم من وجوبها في التشهد الأول، وما ورد من الإذن للمصلي بالدعاء بما شاء بعد التشهد يكون بعد هذه الاستعاذة؛ لقوله: "إذا تشهد أحدكم" أي: فرغ منه، وقوله: "فليستعذ من أربع" استدل بهذا الأمر على وجوب الاستعاذة من هذه الأمور الأربع، وقد ذهب إلى ذلك بعض الظاهرية.
وفي "السبل": والحديث دليل على وجوب الاستعاذة مما ذكر هو مذهب