ومن تمسك بظاهر هذا الحديث ولم يؤوله .. رأى القطع بهذه الأمور، وعلله بأن جميعها في معنى الشيطان الكلب الأسود بنص الحديث، والمرأة من جهة أنَّها تُقبل في صورة شيطان وتدبر كذلك، وأنها من حبائله، والحمار لما جاء من اختصاص الشيطان به في قصة نوح عليه السلام في السفينة، وقيل: لما في الجميع من معنى النجاسة، فالكلب الأسود شيطان، والشيطان نجس، وقد جعله صلى الله عليه وسلم خبيثًا مخبثًا رجسًا نَجسًا، والمرأة لما يظهر عليها من الحيض، وقد جاء في حديث ابن عباس:(والحائض) مكان (والمرأة)، والكلب نجس العين عند من يرى ذلك، أو لأنه لا يتوقى من النجاسة، والحمار؛ لتحريم أكل لحمه أو كراهيته ونجاسة بوله، وقد بسطنا الكلام هنا في "الكوكب الوهاج" فراجعه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الصلاة، باب سترة المصلي، رقم (١/ ٥١٠)، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب ما يقطع الصلاة، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في سترة المصلي، قال أبو عيسى: حديث أبي ذر حديث حسن صحيح، وقد ذهب أهل العلم إليه، والنسائي في كتاب القبلة، باب ذكر ما يقطع الصلاة.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث: ستة:
الأول للاستدلال، والثاني للاستئناس، والأربعة الباقية للاستشهاد.