للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فيهما سواء، ولو كان مقصورًا على الرفع من السجود .. لكان لدعوى التخصيص وجه، قال: وتخصيص السجدة بالذكر في رواية أبي داوود من باب: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} (١)، ولم يعكس الأمر؛ لأن السجود أعظم.

قوله: (أن يحول الله رأسه) أي: أن يجعل الله، كما هو لفظ البخاري: (رأسه رأس حمار) حقيقة بأن يمسخ به؛ إذ لا مانع من وقوع المسخ في هذه الأمة؛ كما يشهد له حديث أبي مالك الأشعري في المعازف الآتي إن شاء الله تعالى في الأشربة، لأن فيه ذكر الخسف، وفي آخره: "ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة"، أو تحول هيئته الحسية أو المعنوية كالبلادة الموصوف بها الحمار، فاستعير ذلك للجاهل، ورد بأن الوعيد بأمر مستقبل، وهذه الصفة حاصلة في فاعل ذلك عند فعله ذلك. انتهى من "إرشاد الساري".

ولمسلم: (أن يجعل الله وجهه وجه حمار)، ولابن حبان: (أن يحول الله رأسه رأس كلب)، والظاهر أن الاختلاف حصل من تعدد الواقعة، أو هو من تصرف الرواة.

ثم إن ظاهر الحديث تحريم الفعل المذكور للتوعد عليه بالمسخ، وبه جزم النووي في "المجموع" لكن تجزئ الصلاة، وقال ابن مسعود لرجل سبق إمامه: لا وحدك صليت، ولا بإمامك اقتديت. انتهى منه.

وقال القاضي عياض: رافع رأسه قبل الإمام عكس معنى الإمامة، فاقتدى بنفسه بعد أن كان مقتديًا بغيره، وذلك غاية الجهل، فأشبه الحمار المضروب به المثل في البلادة والجهالة، فخوفه بأنه يخشى أن تقلب صورته إلى الصورة التي اتصف بمعناها. انتهى، والله أعلم.


(١) سورة النحل: (٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>