جمع منكب؛ وهو ما بين الكتف والعضد؛ أي: يمسحها ليعلم به استواء الصف واستقامته (في) القيام لـ (الصلاة) أي: يسوي مناكبنا في الصفوف ويعدلنا فيها، قال القاضي: وتسويتها سنة عمل بها الخلفاء بعده صلى الله عليه وسلم وشددوا فيها، حتى وكلوا بالصفوف من يسويها، فإذا استوت. . كبروا انتهى.
(و) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (يقول) لنا: سووا صفوفكم، وعدلوا مناكبكم و (لا تختلفوا) بمناكبكم بالتقدم والتأخر (فتختلف قلوبكم) بالفتن، كما وقع بعده صلى الله عليه وسلم، قال الأبي: وقوله: "فتختلف قلوبكم" بالنصب؛ لأن الفاء فيه فاء السببية الواقعة في جواب النهي؛ يعني: اختلاف الصفوف سبب لاختلاف القلوب، ويقول أيضًا:(ليليني منكم) بكسر اللامين وتشديد النون على التأكيد من الولي؛ وهو القرب والدنو، والمراد: بيان ترتيب القيام في الصفوف؛ أي: ليكن واليًا مني قريبًا إلي (أولو الأحلام) أي: أصحاب العقول الراجحة بالعلم (و) أولو (النهى) أي: وأصحاب العقول الخالصة عن الرذائل والصفات الخسيسة؛ أي: البالغون العقلاء.
والأحلام: جمع حلم بالكسر؛ لأن العقل الراجح ينسب للحلم والأناة والتثبت في الأمور، والنُّهى -بضم النون وفتح الهاء-: جمع نهية -بضم النون وسكون الهاء- نظير مدىً ومدية؛ وهي بمعنى العقل أيضًا، سمي بذلك؛ لأنه ينهى صاحبه عن القبيح، فالأحلام والنهى مترادفان بمعنىً واحد وهي العقول، وإنما خص صلى الله عليه وسلم هذا النوع بالتقديم على غيره؛ لأنهم الذين يتأتى منهم التبليغ، وأن يستخلف منهم إذا احتاج إليهم، وفي التنبيه على سهو إذا طرأ له في الصلاة، ولأنهم أحق بالتقدم ممن سواهم لفضيلة العقل والعلم. انتهى من "القرطبي".