وقوله: "ليلني" أمر من الولي، كما مر آنفًا وهو القرب؛ أي: ليقرب مني، فالياء ساقطة للام الأمر، قال النووي: ويجوز إثبات الياء مع تشديد النون على التوكيد؛ فرارًا من التقاء الساكنين. انتهى "ملا علي".
(ثم الذين يلونهم) أي: يقربونهم في هذا الوصف، قال الأبي: والأظهر أنه على الترتيب في أهل الصف الأول لا في الصفوف. انتهى؛ أي: يلي إلى جهة الإمام من أهل الصف الأول أولو الأحلام للأسباب السابقة، (ثم الذين يلونهم) أي: يلون من قبلهم من أهل المرتبة الثانية، وقال بعض الفقهاء: أولو الأحلام والنهى: الرجال البالغون، والذين يلونهم: الصبيان، والذين يلونهم: النساء، وهذا إنما يكون في ترتيبهم في الصفوف، قيل:(ثم الذين يلونهم) هم المراهقون، ثم الصبيان المميزون، ثم النساء، كذا في "السندي".
قال النووي: وفي هذا الحديث تقديم الأفضل فالأفضل إلى الإمام، ولأنه أولى بالإكرام؛ لأنه ربما احتاج الإمام إلى الاستخلاف فيكون هو أولى، ولأنه يتفطن لتنبيه الإمام على السهو لما لا يتفطن له غيره، وليضبطوا صفة الصلاة ويحفظوها وينقلوها ويعلموها الناس، وليقتدي بأفعالهم من وراءهم، ولا يختص هذا التقديم بالصلاة، بل السنة أن يقدم أهل الفضل في كل مجتمع إلى الإمام وكبير المجلس؛ كمجلس العلم، والقضاء، والذكر، والمشاورة، ومواقف القتال، وإمامة الصلاة، والتدريس، والإفتاء، وإسماع الحديث ونحوها، ويكون الناس فيها على مراتبهم في العلم والدين والعقل والشرف والسن والكفاءة في ذلك الباب، والأحاديث الصحيحة متعاضدة على ذلك، وفيه تسوية الصفوف واعتناء الإمام بها والحث عليها. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية