أقرؤهم لكتاب الله) تعالى؛ أي: أكثرهم قرآنًا وأجودهم قراءة، قال الطيبي: هذا خبر بمعنى الأمر؛ أي: ليؤمهم أقرؤهم لكتاب الله، والظاهر أن المراد به: أكثرهم له حفظًا، ويدل على ذلك ما رواه الطبراني في "الكبير" -ورجاله رجال الصحيح- عن عمرو بن سلمة أنه قال: انطلقت مع أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسلام قومه، فكان فيما أوصانا:"ليؤمكم أكثركم قرآنًا" فكنت أكثرهم، فقدموني، وأخرجه البخاري وأبو داوود والنسائي، وقيل: أحسنهم قراءة، وإن كان أقلهم حفظًا، وقيل: أعلمهم بأحكامه. انتهى "عون".
قال الحافظ ابن حجر: ولا يخفى أن محل تقديم الأقرأ إنما هو حيث يكون عارفًا بما يتعين معرفته من أحوال الصلاة، فأما إذا كان جاهلًا بذلك. . فلا يقدم اتفاقًا، والسبب فيه أن أهل ذلك العصر كانوا يعرفون معاني القرآن؛ لكونهم أهل اللسان، فالأقرأ منهم بل القارئ كان أفقه في الدين من كثير من الفقهاء الذين جاؤوا من بعدهم. انتهى كلام الحافظ.
(فإن كانت قراءتهم) أي: في مقدارها أو في حسنها أو في العلم بها على الخلاف المار (سواء) أي: مستوية في ذلك، (فليؤمهم أقدمهم) أي: أسبقهم (هجرة) أي: انتقالًا من مكة إلى المدينة قبل "الفتح"، فمن هاجر أولًا. . فشرفه أكثر ممن هاجر بعده، قال تعالى:{لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} والآية (١)، هذه الزيادة فيها فضيلة الهجرة، قال الخطابي: وإن كانت الهجرة اليوم قد انقطعت ففضيلتها باقية على أبنائهم، فمن كان من أبنائهم أو كان في آبائه وأسلافه من له سابقة وقدم في الإسلام. . فهو مقدم على غيره، وقال صاحب "العون": قوله: (فأقدمهم هجرة) هذا شامل لمن تقدم هجرة