(حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق) فيما أخبر عن الله سبحانه وتعالى إلى الخلق (المصدوق) أي: المخبر عن الله بالحق الصدق، وعبارة السندي:(وهو الصادق) أي: الكامل في الصدق، أو الظاهر كونه صادقًا بشهادة المعجزات الباهرات، وليس المراد: أنه الصادق دون غيره، (المصدوق) أي: الذي جاءه الصدق من ربه، وليس بمعنى الذي بفتح الدال المشددة؛ أي: الذي صدقه المؤمنون وإن كان هو في الواقع موصوفًا بكونه مصدقًا أيضًا.
وعبارة القسطلاني هنا: وهو الصادق في قوله، المصدوق فيما وعده ربه تعالى، والأولى أن تجعل هذه الجملة اعتراضية لا حالية؛ لتعم الأحوال كلها، وأن يكون من عادته ودأبه ذلك، في أحسن موقعها. انتهى.
(إنه) بفتح الهمزة نظرًا للفظ حدثنا، وبكسرها نظرًا إلى أنه بمعنى قال لنا، وقال السندي: بكسر الهمزة على حكاية لفظه صلى الله عليه وسلم، أو بفتحها نظرًا للفظ حدثنا؛ أي: إن الشأن والحال (يجمع) بصيغة المجهول (خلق أحدكم) أي: مادة خلقه وأصله وهو الماء الدافق بعد جريانه في سائر بدنها حتى تحت الأظافير (في بطن أمه أربعين يومًا) أي: يضم بعضه إلى بعض بعد الانتشار، ليتخمر فيها حتى يتهيأ للخلق، وفي قوله:(خلقه) تعبير بالمصدر عن الجثة، وحُمِل على أنه بمعنى المفعول؛ كقولهم: هذا ضرب الأمير؛ أي: مضروبه.
وقال الخطابي: روي عن ابن مسعود في تفسيره أن النطفة إذا وقعت في الرحم، فأراد الله سبحانه أن يخلق منها بشرًا .. طارت في بشرة المرأة تحت كلّ ظفر وشعر، ثم يمكث أربعين ليلة، ثم تنزل دمًا في الرحم، فذلك جمعها، وهذا رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره".