للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ،

===

وقد رجح الطيبي هذا التفسير، فقال: والصحابة أعلم الناس بتفسير ما سمعوه وأحقهم بتأويله وأولاهم بالصدق فيما يتحدثون به وأكثرهم احتياطًا للتوقي عن خلافه، فليس لمن بعدهم أن يرد عليهم، قال في "الفتح": وقد وقع في حديث مالك بن الحويرث رفعه ما ظاهره يخالف ذلك، ولفظه: "إذا أراد الله خلق عبد إذا جامع الرجل المرأة .. طار ماؤه في كلّ عرق وعضو منها، فإذا كان يوم السابع .. جمعه الله، ثم أحضره كلّ عرق له دون آدم، {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} " (١) (ثم يكون) خلقه (علقة) أي: دمًا غليظًا جامدًا (مثل ذلك) أي: في قدر ذلك الزمان المذكور؛ يعني: أربعين ليلة.

وعبارة السندي: والمراد (ببطن أمه) رحمها؛ أي: يتم جمعه في الرحم في هذه المدة، وهذا يقتضي التفرق، وهو كما روي أن النطفة في الطور الأول تسري في جسد المرأة، ثم تجمع في الرحم، فتصير هناك علقة؛ أي: دمًا جامدًا يخلط تربة قبر المولود بها على ما قيل، (ثم يكون مضغة) أي: قطعة لحم قدر ما يمضغ (مثل ذلك) الزمان.

واختلف في أول ما يتشكل من الجنين: فقيل: قلبه؛ لأنه الأساس ومعدن الحركات الغريزية، وقيل: الدماغ؛ لأنه مجمع الحواس، ومنه تنبعث، وقيل: الكبد؛ لأن فيه النمو والاغتذاء الذي هو قوام البدن، ورجحه بعضهم بأنه مقتضى النظام الطبيعي؛ لأن النمو هو المطلوب أولًا، ولا حاجة له حينئذ إلى حس ولا حركة إرادية، وإنما يكون له قوة الحس والإرادة عند تعلق النفس به بتقديم الكبد ثم القلب ثم الدماغ.


(١) سورة الإنفطار: (٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>