الشروع فيها (إطالتها، فأسمع بكاء الصبي) في صلاتي، (فأتجوز) أي: فأخفف (في) قراءة (صلاتي) ولا أطولها (مما أعلم) أي: لأجل ما أعلم (لوجد) أي: من وجد وحزن (أمه) وتشويشها في صلاتها (ببكائه) أي: بسبب بكاء ذلك الصبي.
قوله: "إني لأدخل في الصلاة" وفي رواية مسلم: "لأدخل الصلاة" بلا جار، فعليه فالصلاة منصوب على التشبيه بالمفعول به، كسكنت الشام، ودخلت الدار؛ أي: لأدخل في الصلاة وأحرم بها، حالة كوني أريد إطالتها؛ أي: إطالة الصلاة بإطالة القراءة وكثرة الأذكار والدعاء فيها، فأسمع في صلاتي بكاء الصبي؛ أي: رفع صوته بالبكاء، فأخفف؛ أي: أتجوز في صلاتي بالاقتصار على واجباتها لأجل ما أعلم من حزن أمه ببكائه، والوجد يطلق على الحزن وعلى الحب أيضًا، وكلاهما محتمل ها هنا، ولكن الحزن أظهر؛ أي: فأخففها من شدة حزنها واشتغال قلبها به.
وذكر الأم هنا خرج مخرج الغالب، وإلا. . فمن كان في معناها يلحق بها؛ كالجدة والأخت والمرضعة، وهذا من كرائم عادته صلى الله عليه وسلم ومحاسن أخلاقه في خشيته من إدخال المشقة على نفوس أمته، وكان بالمؤمنين رحيمًا.
وفي الحديث: أن من قصد في الصلاة الإتيان بشيء مستحب. . لا يجب عليه الوفاء به، خلافًا للأشهب من المالكية؛ حيث ذهب إلى أن من تطوع قائمًا. . فليس له أن يتمه جالسًا، قاله في "فتح الباري"، قال النووي: وفيه دليل على الرفق بالمأمومين وسائر الأتباع، ومراعاة مصلحتهم، وألا يدخل