يا جابر (سلمت على آنفًا) أي: في زمن قريب، (و) الحال (أنا أصلي) أي: مشغول بصلاة النافلة، فلم أرد عليك سلامك باللفظ؛ لأن في الصلاة شغلًا يمنع من كلام الآدميين، فلا يجوز الكلام فيها برد السلام على المسلم ولا بغيره، وفي رواية مسلم زيادة:(وهو) صلى الله عليه وسلم (موجه) -بكسر الجيم المشددة- أي: موجه وجهه وراحلته (حينئذ) أي: حين إذ صلى (قبل المشرق) أي: جهته؛ لأنه مقصده.
وحديث جابر هذا حجة لمالك ولمن وافقه على جواز رد المصلي سلام من سلم عليه بالإشارة، وعلى جواز ابتداء السلام على المصلي، وعلى أن العمل القليل في الصلاة لا يفسدها، وعلى منع الكلام في الصلاة، وفيه دليل على جواز التنفل على الراحلة، لكن في السفر، وعلى أنه يصلي النفل عليها حيث توجهت به، وسيأتي بسط الكلام على ذلك كله في محله إن شاء الله تعالى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الإشارة بالسلام في الصلاة، والنسائي في كتاب السهو، باب رد السلام بالإشارة في الصلاة. انتهى "تحفة الأشراف".
فدرجة الحديث: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ابن عمر بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(١٤٩) - ٩٩٨ - (٣)(حدثنا أحمد بن سعيد) بن صخر (الدارمي)