تعالى:({فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى}) أي: أعطى الطاعة، وفعل بالمأمورات، ({وَاتَّقَى}) المعصية، واجتنب المنهيات، ({وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى}) أي: الكلمة الحسنيّ، وهي التي دلت على حق؛ ككلمة التوحيد .. ({فَسَنُيَسِّرُهُ}) أي: سنهيئه ({لِلْيُسْرَى}) أي: للخصلة التي تُؤدِّي إلى يُسر وسهولة وراحةٍ؛ كدخول الجَنَّة، ({وَأَمَّا مَن بَخِلَ}) بما أمر به ({وَاسْتَغْنَى}) بشهوات الدنيا عن العقبى .. ({وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ}) أي: سنُهَيِّئُهُ ({لِلْعُسْرَى})(١) أي: للخلة الموصلة إلى العسر والشدة؛ كدخول النار.
هذا الحديث أصلٌ لأهل السنة في أن السعادة والشقاوة بتقدير الله القديم، واستدل به على إمكان معرفة الشقي من السعيد في الدنيا؛ كمن اشتهر له لسان صدق، وعكسه؛ لأن العمل أمارة على الجزاء على هذا الخبر.
والحق: أن العمل علامة وأمارة، فيحكم بظاهر الأمر، وأمر الباطن إلى الله تعالى، وقال بعضهم: إن الله أمرنا بالعمل، فوجب علينا الامتثال، وغيّب عنا المقادير لقيام الحجة، ونصب الأعمال علامةً على ما سبق في مشيئته، فمن عدل عنه .. ضل؛ لأن القدر سر من أسراره لا يطلع عليه إلَّا هو، فإذا دخلوا الجَنَّة .. كشف لهم، والله سبحانه وتعالى أعلم. انتهى "قسطلاني".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في مواضع كثيرة؛ في كتاب الجنائز، وفي كتاب التفسير في أبواب كثيرة، وفي كتاب الأدب، وفي كتاب القدر، إلى غير ذلك، وأبو داوود في كتاب السنة، في باب القدر، والترمذي.