أيها المؤمنون (يوم الجمعة) قال علي القاري: وفيه إشارة إلى أن يوم عرفة أفضل منه أو مساوٍ؛ (فيه خُلق آدم) أي: طينته، (وفيه النفخة) أي: النفخة الثانية التي توصل الأبرار إلى النعم الباقية، قال الطيبي - وتبعه ابن حجر المكي -: أي: النفخة الأولى؛ فإنها مبدأ قيام الساعة ومقدم النشأة الثانية، ولا منع من الجمع، كذا في "المرقاة"، (وفيه الصعقة) أي: الصيحة؛ والمراد بها: الصوت الهائل الذي يموت الإنسان من هوله؛ وهي النفخة الأولى، فالتكرار باعتبار تغاير الوصفين، والأولى ما اخترناه من التغاير الحقيقي.
(فأكثروا عليّ من الصلاة فيه) أي: في يوم الجمعة، فإن الصلاة من أفضل العبادات، وهي فيها أفضل من غيرها؛ لاختصاصها بتضاعف الحسنات إلى سبعين على سائر الأوقات، ولكون إشغال الوقت الأفضل بالعمل الأفضل هو الأكمل والأجمل، ولكونه سيد الأيام، فيُصرف في خدمة سيد الأنام عليه الصلاة والسلام، والفاء في قوله: "فأكثروا" تفريع على كون الجمعة سيد الأيام.
والفاء في قوله:(فإن صلاتكم معروضة عليّ) تعليل للتفريع المذكور؛ أي: هي معروضة عليّ كعرض الهدايا على من أهديت إليه، فهي من الأعمال الفاضلة ومقربة لكم إليّ؛ كما تُقرّب الهدية المهدي إلى المهدى إليه، وإذا كانت بهذه المثابة .. فينبغي إكثارها في الأوقات الفاضلة؛ فإن العمل الصالح يزيد فضلًا بواسطة فضل الوقت، وعلى هذا لا حاجة إلى تقييد العرض بيوم الجمعة، كما قيل. انتهى من "السندي".
وفي "العون": قوله: "فإن صلاتكم معروضة عليّ" يعني: على وجه القبول فيه، وإلا .. فهي دائمًا تُعرض عليه بواسطة الملائكة إلا عند روضته فيسمعها