إن الله عز وجل حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء"، وقد ذهب جماعة من المحققين إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حي بعد وفاته، وأنه يسر بطاعات أمته، وأن الأنبياء لا يبلون مع أن مطلق الإدراك كالعلم والسماع ثابت لسائر الموتى.
وقد صح عن ابن عباس مرفوعًا: "وما من أحد يمر على قبر أخيه المؤمن"، وفي رواية: "بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا، فيسلّم عليه .. إلا عرفه ورد عليه"، ولابن أبي الدنيا: "إذا مر الرجل بقبر يعرفه فيُسلِّم عليه .. رد عليه السلام وعرفه، وإذا مر بقبر لا يعرفه .. رد عليه السلام"، وصح أنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى البقيع لزيارة الموتى ويُسلِّم عليهم، وورد النص في كتاب الله في حق الشهداء أنهم أحياء يرزقون، وأن الحياة فيهم متعلقة بالجسد، فكيف بالأنبياء والمرسلين؟ ! وقد ثبت في الحديث: "الأنبياء أحياء في قبورهم" رواه المنذري، وصححه البيهقي، وفي "صحيح مسلم" عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مررت بموسى ليلة أُسري بي عند الكثيب الأحمر، وهو قائم يصلي في قبره". انتهى، انتهى من "العون".
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، وكذا رواه أبو داوود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم من حديث الحسين بن علي الجعفي عن أوس بن أوس.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وله شاهد من الحديث الذي أخرجه أبو داوود ومن ذكرنا بعده آنفًا، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي لبابة بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما، فقال: