وعبارة "التحفة" هنا: (من اغتسل وغسل) رُوي بالتشديد والتخفيف، قيل: أراد به غسل رأسه، وبقوله:"اغتسل" غسل سائر بدنه، وقيل: جامع زوجته فأوجب عليها الغُسل، فكأنه غسلها واغتسل، وقيل: كرر ذلك للتأكيد، ويرجح التفسير الأول ما في رواية أبي داوود في هذا الحديث بلفظ:"من غسل رأسه واغتسل"، وما في رواية البخاري عن طاووس قلت: لابن عباس: ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اغتسلوا واغسلوا رؤوسكم ... " الحديث، (وبكَّر) بالتشديد على المشهور؛ أي: راح أول الوقت، (وابتكر) أي: أدرك أول الخطبة ورجحه العراقي، وقيل: كرره للتأكيد، وبه جزم ابن العربي.
وقال الجزري في "النهاية": بكّر أتى الصلاة في أول وقتها؛ فكل من أسرع إلى شيء .. فقد بكّر إليه، وأما ابتكر .. فمعناه أدرك أول الخطبة، وأول كل شيء باكورته، وابتكر الرجل إذا أكل باكورة الفواكه، وقيل: معنى اللفظتين واحد، وإنما كرر للمبالغة والتوكيد؛ كما قالوا: أجاد مجد. انتهى وزاد أبو داوود وغيره في رواياتهم:"ومشى ولم يركب"(ودنا)، زاد أبو داوود وغيره:(من الإمام، واستمع) أي: الخطبة، (وأنصت) تأكيد، (بكل خطوة) -بفتح الخاء وتُضم-: بعد ما بين القدمين، (صيامها وقيامها) بدل من سنة. انتهى "تحفة الأحوذي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود والنسائي والترمذي، وقال: هذا حديث حسن، ورواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحهما"، والحاكم وصححه، وفي "المرقاة": قال النووي إسناده جيد، نقله ميرك، وقال بعض الأئمة: لم نسمع في الشريعة حديئا صحيحًا مشتملًا على مثل هذا الثواب. انتهى، انتهى "تحفة الأحوذي".