في الخطبتين، وتجب قراءة آية من القرآن في إحداهما على الأصح، ويجب الدعاء للمؤمنين في الثانية على الأصح، وقال مالك وأبو حنيفة والجمهور: يكفي من الخطبة ما يقع عليه الاسم، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومالك في رواية عنه: يكفي تحميدة أو تسبيحة أو تهليلة، وهذا ضعيف لا حجة عليه؛ لأنه لا يسمى خطبة، ولا يحصل به مقصودها مع مخالفة ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى كلامه.
وفي "العون": قلت: وقوله: (يذكر الناس) فيه دليل صريح على أن الخطبة وعظ وتذكير للناس، وأن النبي صلى الله عليه وسلم يُعقم أصحابه في خطبته قواعد الإسلام وشرائعه، ويامرهم وينهاهم في خطبته إذا عرض له أمر أو نهي؛ كما أمر الداخل وهو يخطب أن يصلي ركعتين، ونهى المتخطي رقاب الناس عن ذلك وأمره بالجلوس، وكان يدعو الرجل في خطبته: تعال اجلس يا فلان، وكان يأمرهم بمقتضى الحال في خطبته، فلا بد للخطيب أن يقرأ القرآن ويعظ به ويأمر وينهى ويبين الأحكام المحتاج إليها.
فان كان السامعون أعاجم .. يترجم لهم بلسانهم، وحديث جابر هذا هو أدل دليل على جواز ذلك، وقال الله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ... } الآية (١)، قال في "جامع البيان": أي: ليبين لهم ما أُمروا به فيفهموه بلا كلفة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وإن بُعث إلى الأحمر والأسود بصرائح الدلائل، لكن الأولى أن يكون بلغة من هو فيهم حتى يفهموا، ثم ينقلوه ويترجموه. انتهى.
فإن قلت: إن كانت الترجمة تجوز في الخطبة .. فتجوز قراءة ترجمة القرآن