أيضًا في الصلاة، فإن صلى واحد وقرأ ترجمة سورة الفاتحة مثلًا مكان الفاتحة .. صحت صلاته.
قلت: كلا، ولا يجوز ذلك في الصلاة قطعًا، والقياس على الخطبة قياس مع الفارق؛ لأن الخطبة ليس فيها ألفاظ مخصوصة وأذكار معينة، بل إنما هي التذكير؛ كما مر، والصلاة ليست بتذكير، بل إنما هي ذكر، وبين الذكر والتذكير فرق واضح، ولا بد في الصلاة من قراءة القرآن للإمام والمأموم والمنفرد؛ لقوله تعالى:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}(١)، فلفظ:(اقرؤوا) صيغة أمر يدل على الوجوب، ولا يمتثل الأمر إلا بقراءة القرآن بالنظم العربي كما أنزل عليه ووصل إلينا بالنقل المتواتر؛ لأن من يقرأ ترجمة القرآن في الصلاة .. لا يطلق عليه قراءة القرآن، بل هو خالف الأمر المأمور به، فكيف تجوز قراءة ترجمة القرآن في الصلاة؟ ! بل هو ممنوع، وأما الخطبة .. فهي تذكير، فلا بد للخطيب أن يُفهِم معاني القرآن بعد قراءته، ويُذكر السامعين بلسانهم، وإلا .. فيفوت مقصود الخطبة، كذا في "غاية المقصود" ملخصًا. انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم باب ذكر الخطبتين قبل الصلاة وما فيهما من جلسة، رقم (٢٤/ ١٨٧)، وفي باب تخفيف الصلاة والخطبة (٤١/ ٨٦٦)، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب إقصار الخطبة (١١٠٧)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب (٣٥)، والنسائي في كتاب الجمعة، باب القراءة في الخطبة الثانية والذكر فيها، رقم (١٤١٧)، والدارمي، وأحمد، وابن الأعرابي في "معجمه" بإسناد واهٍ.