والحاكم، ورواه الدارقطني برواة ثقات:(لا توتروا بثلاث، ولا تشبهوا الوتر بثلاث)، وأخرج ابن نصر عن سليمان بن يسار أحد الفقهاء أنه كره الثلاث في الوتر، وقال: لا يُشبه التطوع الفريضة.
فهذا كُله يقدح في الإجماع الذي زعمه، لكن قول محمد بن نصر: لم نجد عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرًا ثابتًا صريحًا أنه أوتر بثلاث موصولة، نعم؛ ثبت عنه أنه أوتر بثلاث، لكن لم يبين الراوي هل هي موصولة أو مفصولة؟ انتهى.
لكن يرد عليه ما رواه الحاكم من حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث لا يقعد إلا في آخرهن فيصليهن بتشهد واحد، قال الحافظ: ويجاب عن محمد بن نصر باحتمال أن حديث أُبي بن كعب المروي في السنن وحديث عائشة هذا لم يَثْبُتَا عنده.
قلت: هذا احتمال ضعيف، والجمع بين حديث الإيتار بثلاث وحديث النهي عن التشبيه بصلاة المغرب: أن يحمل النهي على صلاة الثلاث بتشهدين، وقد فعله السلف أيضًا، فروى محمد بن نصر من طريق الحسن أن عمر بن الخطاب كان ينهض في الثالثة من الوتر بالتكبير؛ يعني: إذا قام من سجود الركعة الثانية .. قام مُكبِّرا من غير جلوس للتشهد، ومن طريق المسور بن مخرمة أن عمر أوتر بثلاث لم يسلم إلا في آخرهن، ومن طريق عبد الله بن طاووس عن أبيه أنه كان يوتر بثلاث ولا يقعد بينهن، ومن طريق قيس بن سعد عن عطاء وحمَّاد بن زيد عن أيوب مثله، وروى محمد بن نصر عن ابن مسعود وأنس وأبي العالية أنهم أوتروا بثلاث كالمغرب، وكأنهم لم يبلغهم النهي المذكور. انتهى من "العون".