للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْ دُعَائِهِ إِلَّا عِنْدَ الاسْتِسْقَاءِ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ.

===

من دعائه إلا عند الاستسقاء؛ فإنه) صلى الله عليه وسلم (كان يرفع يديه) في الاستسقاء رفعًا بليغًا (حتى يُرى بياض إبطيه).

قال النووي: هذا الحديث يوهم ظاهره أنه لم يرفع يديه إلا في الاستسقاء، وليس الأمر كذلك، بل قد ثبت رفع يديه في الدعاء في مواطن غير الاستسقاء، وهي أكثر من أن تحصر، فيؤول هذا الحديث على أنه لم يرفع الرفع البليغ بحيث يُرى بياض إبطيه إلا في الاستسقاء، أو أن المراد: لم أره يرفع، وقد رآه غيره يرفع، ورواية المثبت مقدمة على رواية النافي؛ لما عنده من زيادة علم. انتهى، والمعنى: كان لا يبالغ في رفع يديه في شيء من الأدعية مثل مبالغته في الاستسقاء، وعلى هذا فلا دلالة في الحديث على الترجمة. انتهى "سندي".

والحاصل: استحباب الرفع في كل دعاء إلا ما جاء من الأدعية مُقيدًا بما يقتضي عدم الرفع فيه كدعاء الركوع والسجود وغيرهما؛ فقد ورد رفعه صلى الله عليه وسلم يديه في مواضع كثيرة؛ فمنها: رفعه يديه حتى يُرى عُفرة إبطيه حين استعمل ابن اللتبية على الزكاة، كما في "الصحيحين"، ومنها: رفعهما في قصة خالد بن الوليد، قائلًا: "اللهم؛ إني أبرأ إليك مما صنع خالد"، رواه البخاري والنسائي، ومنها: رفعهما على الصفا، رواه مسلم وأبو داوود، ومنها: رفعهما ثلاثًا بالبقيع مستغفرًا لأهله، رواه البخاري في رفع اليدين ومسلم، ومنها: رفعهما حين تلا قوله تعالى: {إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ. . .} الآية (١)، قائلًا: "اللهم؛ أمتي أمتي"، رواه مسلم، ومنها: رفعهما حين بعث جيشًا فيهم علي، قائلًا: "اللهم؛ لا تُمتْني حتى تريني عليًّا"، رواه الترمذي،


(١) سورة إبراهيم: (٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>