للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وهذا الحديث دليل على جواز النسيان على النبي صلى الله عليه وسلم فيما طريقه البلاغ من الأفعال وأحكام الشرع، قال القاضي عياض: وهو مذهب عامة العلماء والأئمة النظّار، وظاهر القرآن والحديث، لكن شرط الأئمة أن الله تعالى ينبهه على ذلك ولا يقره عليه، ثم اختلفوا: هل من شرط التنبيه اتصاله بالحادثة على الفور، وهذا مذهب القاضي أبي بكر، والأكثر من العلماء قالوا: بل يجوز في ذلك التراخي ما لم ينخرم عمره وينقطع تبليغه، وإليه نحا أبو المعالي، ومنعت طائفة من العلماء السهو عليه في الأفعال البلاغية والعبادات الشرعية، كما منعوه اتفاقًا في الأقوال البلاغية، واعتذروا عن الظواهر الواردة في ذلك، وإليه مال الأستاذ أبو إسحاق.

قلت: والصحيح أن المسهو عليه جائز مطلقًا؛ إذ هو واحد من نوع البشر فيجوز عليه ما يجوز عليهم إذا لم يقدح في حاله، وعليه نبه حيث قال: "إنما أنا بشر أنسى كما تنسون" غير أن ما كان منه فيما طريقه بلاغ الأحكام قولًا أو فعلًا لا يقر على نسيانه، بل ينبه عليه إذا تعينت الحاجة إلى ذلك المبلغ، فإن أقر على نسيانه ذلك .. فإنما ذلك من باب النسخ؛ كما قال تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (٦) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} (١). انتهى من "المفهم".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصلاة، باب ما جاء في القبلة، وفي كتاب السهو، باب إذا صلى خمسًا، وفي مواضع كثيرة، ومسلم في كتاب المساجد، باب السهو في الصلاة والسجود له، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب إذا صلى خمسًا، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في سجدتي السهو بعد السلام والكلام، والنسائي في كتاب السهو.


(١) سورة الأعلى: (٦ - ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>