تلك الصلاة (الظهر، فلما كان في) آخر الركعة (الثانية .. قام) إلى الركعة الثالثة (قبل أن يجلس) للتشهد الأول، فقام الناس معه (فلما كان) في آخر صلاته بعد تمام الركعة الرابعة (قبل أن يسلّم .. سجد سجدتين) في الكلام تقديم وتأخير؛ تقديره: فلما كان في آخر صلاته .. سجد سجدتين قبل أن يسلم من صلاته جبرًا لخلل سهوه؛ لأنه ترك التشهد الأول، ثم سلّم من صلاته.
قال النووي: وفي هذا الحديث دليل لمسائل فقهية كثيرة:
الأولى: أن سجود السهو قبل السلام إما مطلقًا كما يقوله الشافعي، وإما في النقص كما يقوله مالك.
الثانية: أن التشهد الأول والجلوس له ليسا بركنين في الصلاة ولا بواجبين؛ إذ لو كانا واجبين لما جبرهما السجود كالركوع والسجود وغيرهما من سائر الأركان، وبهذا قال مالك وأبو حنيفة والشافعي رحمهم الله تعالى، وقال أحمد في طائفة قليلة: هما واجبان، وإذا سها جبرهما السجود على مقتضى الحديث.
الثالثة: فيه أنه يشرع التكبير لسجود السهو، وهذا مجمع عليه، واختلفوا فيما إذا فعلهما بعد السلام هل يحرم ويتشهد ويسلّم أم لا؟ والصحيح في مذهبنا أنه يسلّم ولا يتشهد، وهكذا الصحيح عندنا في سجود التلاوة أنه يسلّم، ولا يتشهد كصلاة الجنازة، وقال مالك: يتشهد ويسلّم في سجود السهو بعد السلام، واختلف قوله: هل يجهر بسلامهما كسائر الصلوات أم لا؟ وهل يحرم لهما أم لا؟ وقد ثبت السلام لهما إذا فعلتا بعد السلام في حديث ابن مسعود وحديث ذي اليدين، ولم يثبت في التشهد حديث، واعلم أن جمهور العلماء