وسبب شكايته ومرضه أنه سقط من فرسه، فجُرح شقه الأيمن وعجز عن القيام، فكان جالسًا في غرفة عائشة، وعجز عن الخروج إلى المسجد، كما سيأتي قريبًا في حديث أنس، فقيامًا وجلوسًا جمعان لقائم وجالس؛ أي: قائمين جالسين أو مصدران؛ أي: ذوي قيام وجلوس، ونصبهما على الحالية، قال الخطابي في "المعالم": ذكر أبو داوود هذا الحديث من رواية عائشة وأنس وجابر وأبي هريرة، ولم يذكر صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض موته آخر ما صلاها بالناس وهو قاعد والناس خلفه قيام، وهو آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن عادة أبي داوود فيما أنشأه من أبواب هذا الكتاب أن يذكر الحديث في بابه، ويذكر الحديث الذي يعارضه في باب آخر على أثره، ولم أجده في شيء من النسخ، فلست أدري كيف أغفل ذكر تلك القصة وهي من أمهات السنن، وإليه ذهب أكثر الفقهاء؟ !
ونحن نذكرها؛ لتحصل فائدة ويُحفظ على الكتاب رسمه وعادته، ثم ذكر الخطابي بإسناده عن عائشة حديث صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر ما صلاها بالناس وهو قاعد والناس خلفه قيام، وفي آخر الحديث: فأقامه في مقامه، وجعله عن يمينه، فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكبر بالناس، فجعل أبو بكر يكبر بتكبيره، والناس يكبرون بتكبير أبي بكر.
قال الخطابي: قلت: وفي إقامة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر عن يمينه وهو مقام المأموم، وفي تكبيره بالناس وتكبير أبي بكر بتكبيره .. بيان واضح أن الإمام في هذه الصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد صلى قاعدًا والناس من خلفه قيام، وهي آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، فدل على أن حديث عائشة المذكور هنا وحديث أنس