ذكرها في قوله تعالى:{ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ}(١)، فاستجيب له صلى الله عليه وسلم، فأجدبوا سبعًا أكلوا فيها كلّ شيء حتى أكلوا الميتة والعظام، وكان الواحد منهم يرى بينه وبين السماء دخانًا من شدة الجوع حتى جاء أبو سفيان أبو معاوية - وهو يومئذ كافر - فكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا لهم فسقوا، كما بسطنا الكلام على هذه القصة في "تفسيرنا" في سورة الدخان.
وقوله:"سنين" جمع سنة، وفيه شذوذان؛ تغييره من الفتح إلى الكسر، وكونه جمعًا لغير عاقل، وحكمه أيضًا مخالف لجمع السلامة في جواز إعرابه كمسلمين بالحروف وبالحركات على النون، وكونه منونًا وغير منون، منصرفًا وغير منصرف، والسنة كما ذكره أهل اللغة: الجَدْبُ، يقال: أخذتهم السنة إذا أجدبوا أو أقحطوا، قال ابن الأثير: وهي من الأسماء الغالبة نحو الدابة في الفرس والمال في الإبل، وقد خَصُّوها بقَلْبِ لامِها تاء في أَسْنَتُوا إِذَا أَجْدَبُوا. انتهى.
قال القرطبي: والذي استقر عليه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في القنوت ما رواه الدارقطني (٢/ ٤١) بإسناد صحيح عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا). انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في مواضع كثيرة؛ منها في كتاب الأذان، ومنها في كتاب الاستسقاء، ومنها في كتاب الجهاد إلى غير ذلك، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة، وأبو داوود في كتاب الصلاة أبواب الوتر،