استدل بهذا الحديث على استحباب رفع اليدين في دعاء الاستسقاء، ولذا لم يُرْوَ عن الإمام مالك رحمه الله أنه رفع يديه إلا في دعاء الاستسقاء خاصة، وهل ترفع في غيره من الأدعية أم لا؟ والصحيح الاستحباب في سائر الأدعية، رواه الشيخان وغيرهما، وأما حديث أنس المروي في الصحيحين وغيرهما:(أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء؛ فإنه كان يرفع يديه حتى يُرى بياض إبطيه) .. فمؤوَّل على أنه لا يرفعهما رفعًا بليغًا، ولذا قال في المستثنى: حتى يُرى بياض إبطيه. انتهى من "الإرشاد".
والحاصل: أنه يستحب رفع اليدين في كل دعاء إلا ما جاء من الأدعية مقيدًا بما يقتضي عدم الرفع فيه؛ كدعاء الركوع والسجود وغيرهما، فقد ورد رفعه صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة؛ فمنها: رفعه يديه حتى يُرى عُفرة إبطيه حين استعمل ابن اللتبية على الصدقة، كما في "الصحيحين"، ومنها: رفعهما في قصة خالد بن الوليد، قائلًا:"اللهم؛ إني أَبرأ إليك مما صنع خالد"، رواه البخاري والنسائي، ومنها: رفعهما على الصفا، رواه مسلم وأبو داوود، ومنها: رفعهما ثلاثًا بالبقيع مستغفرًا لأهله، رواه البخاري في رفع اليدين ومسلم، ومنها رفعهما حين تلا قوله تعالى:{إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ ... } الآية (١)، قائلًا:"اللهم؛ أمتي أمتي"، رواه مسلم، ومنها: رفعهما حين بعث جيشا فيهم عليٌّ، قائلًا:"اللهم؛ لا تُمتْنِي حتى تُرِيَني عليًّا"، رواه الترمذي، ومنها: رفعهما حين جمع أهل بيته وألقى عليهم الكساء، قائلًا:"اللهم؛ هؤلاء أهل بيتي"، رواه