(قال) أبو ذر: (فقام بنا) في الصلاة؛ أي: استمر فيها طول الليل (حتى خشينا) وخفنا (أن يفوتنا الفلاح) أي: السحور (قيل) لأبي ذر قائله جبير بن نفير؛ أي: قال جبير بن نفير: قلت لأبي ذر: (وما) معنى (الفلاح؟ قال) أبو ذر: هو (السحور) -بالضم والفتح- قال في "النهاية": السحور بالفتح: اسم لما يتسحر به من الطعام والشراب، وبالضم: المصدر، والفعل نفسه؛ أي: أكله وشربه، وأكثر ما يروى بالفتح، وقيل: هو الصواب؛ لأنه بالفتح الطعام والبركة والأجر والثواب في الفعل لا في الطعام. انتهى. قال القاضي:(الفلاح) الفوز بالبغية، سُميَ السحور به؛ لأنه يعين على إتمام الصوم؛ وهو الفوز بما كسبه ونواه والموجب للفلاح في الآخرة، وقال الخطابي: أصل الفلاح البقاء، وسُمِّي السُّحور فلاحًا إذ كان سببًا لبقاء الصوم ومعينًا عليه. انتهى، انتهى من تحفة الأحوذي.
(قال) أبو ذر: (ثم) بعد الثالثة (لم يقم بنا) أي: لم يصل بنا (شيئًا) أي: في شيء (من بقية الشهر) وهي الثامنة والعشرون والتاسعة والعشرون. انتهى "تحفة".
وأما عدد الركعات التي صلى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الليالي .. فأخرجه الإمام الحافظ محمد بن نصر المروزي في "قيام الليل": حدثنا إسحاق، أخبرنا أبو الربيع، حدثنا يعقوب، حدثنا عيسى بن جارية عن جابر رضي الله تعالى عنه: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ثمان ركعات، وأوتر، فلما كانت الليلة القابلة .. اجتمعنا في المسجد ورجونا أن يخرج إلينا فيصلي بنا، فأقمنا فيه حتى أصبحنا، فقلنا: