وشارك المؤلف في روايةِ حديثِ أبي سعيد الخدري: البخاريُّ في كتاب الصلاة، باب مسجد بيت المقدس، ومسلم في كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى الحج وغيره، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في أيُّ المساجد أفضلُ عن أبي سعيد الخدري، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وأحمد في "مسنده".
وأما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص .. فانفرد به ابن ماجه.
وأما حديث أبي سعيد .. فهو في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه.
وأما حديث عبد الله بن عمرو .. فهو صحيح أيضًا؛ لصحة سنده، ولأن له شواهد، وغرضه بسوقهما: الاستشهاد بهما.
قال القرطبي: ولا شك في أن هذه المساجد الثلاثة إنما خصت بهذا لفضلها على سائر المساجد كما تقدم، فمن قال في نذره: لله على صلاة في أحدها، وهو في غيرها .. فعليه إتيانها بَعُدَ أو قَرُبَ، فإن قال في نذره: ماشيًا .. فلا يلزمه المشي على المشهور إلا في مسجد مكة خاصة، وأما المسجدان الآخران .. فالمشهور أنه لا يلزم المشي إليهما من نذره، ويأتيهما راكبًا، وقال ابن وهب: يأتيهما ماشيًا كما سمَّى، وهو القياس؛ لأن المشي إلى مكة إنما يلزم من حيث إنه كان قربة موصلة إلى عبادة تفعل في مسجد له حرمة عظيمة، فكذلك يلزم كلُّ مشيِ قربةٍ بتلك الصفة، ولا يلزمه المشي إلى سائر المساجد؛ لأن البعيد منها قد نُهي عن السفر إليها، والقريبة منها متساوية الفضيلة، فيصلي حيث شاء منها، وقد قال بعض أصحابنا: إن كانت قريبة على أميال يسيرة .. فيأتيها، وإن نذر أن يأتيها ماشيًا .. أتى ماشيًا؛