ذلك في الفريضة، وإن لم يفعله في الفريضة، وإنما فعله في التطوع، ويحتمل أن يراد: ما ترك من الفرائض رأسًا فلم يصله، فيعوض عنه من التطوع، والله تعالى يقبل من التطوعات الصحيحة عوضًا عن الصلاة المفروضة، ولله سبحانه وتعالى أن يفعل ما شاء، فله الفضل والمنُّ، بل له أن يسامح وإن لم يصل شيئًا لا فريضةً ولا نفلًا. انتهى من "العون".
(ثم يفعل) بالبناء للمفعول (بسائر الأعمال المفروضة) كالصوم والزكاة (مثل ذلك) أي: مثل ما فعل في الصلاة؛ أي: إن انتقصت فريضة من سائر الأعمال .. تكمل من التطوع؛ فالزكاة مثل الصلاة إن انتقص منها شيئًا .. تكمل من التطوع، وفي رواية تميم الداري زيادة:(ثم الزكاة مثل ذلك، ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك) كما في أبي داوود، قال في "المرقاة": أي: تؤخذ سائر الأعمال من الجنايات والسيئات على حسب ذلك من الطاعات والحسنات؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات، وقال ابن الملك: أي: على حسب ذلك المثال المذكور؛ فمن كان عليه حق لأحد .. يؤخذ من عمله الصالح بقدر ذلك، ويدفع إلى صاحبه. انتهى، انتهى من "العون".
قال العراقي في "شرح الترمذي": لا تعارض بين هذا الحديث وبين حديث الصحيح: إن أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء، فحديث الباب محمول على حق الله تعالى، قال: وحديث الصحيح محمول على حقوق الآدميين فيما بينهم، فإن قيل: فأيهما يقدم: هل محاسبة العباد على حق الله تعالى أو محاسبتهم على حقوقهم؟ فالجواب: أن هذا أمر توقيفي، وظواهر الأحاديث دالة على أن الذي يقع أولًا المحاسبة على حقوق الله تعالى قبل حقوق العباد، كذا في "مرقاة الصعود". انتهى من "العون".