للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى هَذَا الْمُقَامَ.

===

عندها لـ (أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى) ويقصد ويختار لصلاته (هذا المقام) والموضع الذي أنا صليت فيه؛ فلي أُسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحريه ذلك الموضع .. لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، لا لكون المصحف فيه، وفيه جواز الصلاة إلى المصحف ما لم يوضح للصلاة إليه، وفيه اتخاذ الرجل موضعًا من المسجد يصلى فيه، واختلف فيه السلف، وخُفِّف ذلك للعالم والمفتي لتيسرِ وجودهما على الناس، والنهي عن اتخاذ الرجل موضعًا من المسجد إنما هو إذا لم يكن للموضع فضلٌ وليس الرجلُ يَحْتَاجُ إليه.

قوله: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى هذا المقام) أي: فلاتباعه تحريت الصلاة عندها؛ أي: عند الأسطوانة، ولا خلاف في جواز الصلاة إليها إلا أنه يجعلها في جانبه الأيمن أو الأيسر ولا يصمد إليها صمدًا، وكذالك قال النبي صلى الله عليه وسلم، وكذالك كان يفعل على ما رواه أبو داوود، ولعل هذا كان أول الإسلام لقرب العهد بإلف عبادة الأحجار والأصنام حتى تظهر المخالفة في استقبال السترة؛ لما كانوا عليه من استقبالهم تلك المعبودات، وأما الصلاة بين الأساطين، فاختلف العلماء ومالك في إجازته وكراهيته: فأجازها مالك مرةً وكرهها مرةً أخرى إلا عند الضرورة، وعلة المنع أن الصفوف منقطعة بالأساطين، وأن المصلي بينها مصلي لغير سترة، ولما روي من أنه مصلى مؤمني الجن، والله أعلم. انتهى "كوكب".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة إلى الأسطوانة، ومسلم في كتاب الصلاة، باب دنو المصلي من السترة، وأحمد في "مسنده".

<<  <  ج: ص:  >  >>