(فلمَّا رأى النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما بها) أي: ما بتلك الحميم من شدةِ سكرةِ الموت .. (قال) النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لها) أي: لعائشة: إلا تَبْتَئِسِي) أي: لا تَحزني ولا تَتأسَّفِي ولا يَنْكَسِرْ قلبُكِ لشدة الموت (على حميمكِ) أي: على قريبكِ هذه؛ (فإن ذلك) أي: فإن شدَّةَ الموت عليها (مِن) ما يزيد في (حسناته) أي: في حسناتِ تلك الحميمِ، أو مِمَّا يُكْتَب في حسناته، أو حصَلَ لها ذلك لكثرة حسناته؛ لأنَّ الصالحَ يُشدَّد عليه في الموت، وذكَّر الضميرَ نظرًا لِلَفْظِ الحميم، وإلا .. فالحميم من الإناث.
وفي "الزوائد": هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات، والوليد بن مسلم وإن كان يدلس، فقد صرح هنا بالتحديث، فزال عنه ما يخشى من تهمة تدليسه.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، لكن يشهد له ما رواه الترمذي والنسائي عن عائشة قالت: (ما أَغْبِطُ أحدًا يُهوَّنُ عليه الموتُ بعد الذي رأيتُ من شدة موت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فإنَّه يدلُّ على أنَّها عَلِمَتْ أنَّ شدةَ الموت من الحسنات بشدةِ موت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا الحديثُ يَقْتَضِي أنَّها علمَتْ ذلك قَبْلُ، فليُتأمَّل. انتهى "سندى".
قلت: فالحديث صحيح؛ لصحة سنده، ولأَنَّ له شاهدًا مما ذكر، وصحيح بما بعده أيضًا، فغرضه بسوقه: الاستدلال به على الترجمة، والله سبحانه وتعالى أعلم.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة بحديث بُريدة بن حُصيب رضي الله عنهما، فقال: