فعليه الغسل؛ أي: فالغسل واجبٌ عليه، وروي ذلك عن علي وأبي هريرة، واستدلوا على الوجوب بحديث الباب وما في معناه؛ فإنَّه بظاهره يدلُّ على الوجوب. وقال مالك بن أنس: استَحب الغسلَ مِنْ غسلِ الميت، ولا أرى ذلك واجبًا. وهكذا قال الشافعي.
وقال أحمد: من غسل ميتًا أرجو ألا يجب عليه الغسل، واستدل هؤلاء أيضًا بحديث الباب، لكنهم حملوا الأمر فيه على الاستحباب؛ لحديث ابن عباس، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه؛ إن ميتكم يموت طاهرًا، وليس بنجس، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم" أخرجه البيهقي، وقد حسن الحافظ إسناده، وقال: فيجمع بينه وبين الأمر في حديث أبي هريرة: بأن الأمر محمول على الندب، أو المراد بالغسل غسل الأيدي، كما صرح به في هذا. انتهى، ولحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنه:(كنا نغسل الميت، فمنا من يغتسل، ومنا من لَمْ يغتسل)، قال الحافظ في "التلخيص": إسناده صحيح، وهو يؤيد أن الأمر في حديث أبي هريرة للندب، وهو أحسن ما جمع بها جمع بين مختلف هذه الأحاديث. انتهى، انتهى من "التحفة".
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ستة أحاديث:
الأول للاستدلال، والثاني للمتابعة، والثالث والسادس للاستشهاد، والرابع والخامس للاستئناس، كما بينا كلًّا منها في محله.