مقتضاه الإسراع؛ فإنه لم يقيده بقيد، والله أعلم، ثم على الأول فذلك الإسراع يكون برفق ولطف؛ فإنه إن لم يكن كذلك .. تعب المتبع، ولعله يضعف عن كمال الاتباع، وانخرقت حرمة الميت، لكثرة تحريكه، وربما يكون ذلك سبب خروج شيء منه فيتلطخ به فيكون ذلك نقيض المقصود الذي هو النظافة، ومقصود الحديث: ألا يتباطأ في حمله بالمشي فيؤخر عن خير يقدم عليه، أو يستكثر من حمل الشر إن كان من أهله، ولأن المبطئ في مشيه يخاف عليه الزهو والتكبر، وهذا قول الجمهور، وقد تضمن هذا الحديث الأمر بحمل الميت إلى قبره وهو واجب على الكفاية إن لم يكن له مال يحمل منه.
والجنازة بالفتح والكسر لغتان للميت، والكسر أفصح، قاله القتبي، وقال أبو علي: بالكسر: السرير الذي يُحْمل عليه الميت، قال ابن دُريد: يقال: جنزت الشيء سترته، ومنه سُمي الميت جنازة؛ لأنه يستر، وعن ابن الأعرابي: الفتح للميت، والكسر للنعش. انتهى من "المفهم".
وحاصل المعنى: أسرعوا بالجنازة إسراعًا خفيفًا بين المشي المعتاد والخبب؛ لأن ما فوق ذلك يؤدي إلى انقطاع الضعفاء، أو مشقة الحامل فيكره، وهذا إن لم يضره الإسراع، فإن ضره .. فالتأني أفضل، فإن خيف عليه تغير أو انفجار أو انتفاخ .. زيد في الإسراع. انتهى من "الإرشاد".
(فإن تكن) تلك الجنازة التي هي عبارة عن الميت (صالحة) بالنصب خبر تكن؛ أي: ذات صلاح في حياتها .. (فخير) مرفوع على أنه مبتدأ خبره محذوف؛ تقديره: فهناك خير؛ أي: ففي قبره خير (تقدمونها) أي: تقدمون تلك الجنازة (إليه) أي: إلى ذلك الخير؛ أي: ففي قبره خير تقدمون الجنازة عليه؛ أي: على ثواب ذلك الخير الذي أسلفه، فيناسب الإسراع به؛ ليناله