وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة، قال في "الهداية": وعن أبي حنيفة أنه يقوم من الرجل عند رأسه، ومن المرأة عند وسطها؛ لأن أنسًا رضي الله عنه فعل كذلك، وقال: هو السنة. انتهى من "فتح الملهم".
قال القرطبي: وقد اختلفوا في أي موضع يقوم الإمام من الجنازة بعد إجماعهم على أنه لا يقوم ملاصقًا لها، وأنه لا بد من فُرْجة بينهما على ما حكاه الطبري: فذهب قوم إلى أنه يقوم عليها وسطها ذكرًا كان أو أنثى، وقال آخرون: هذا حكم المرأة كي يسترها عن الناس، وأما الرجل .. فعند رأسه؛ لئلا ينظر الإمام إلى فرجه، وهو قول أبي يوسف، وقال ابن مسعود بعكس هذا في المرأة والرجل، وذكر عن الحسن التوسعة في ذلك، وبها قال أشهب وابن شعبان، وقال أصحاب الرأي: يقوم فيها بحذاء الصدر.
وقد روى أبو داوود ما يرفع الخلاف عن أنس وصلى على جنازة، فقال له العلاء بن زياد: يا أبا حمزة؛ هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الجنازة كصلاتك، يكبر عليها أربعًا، ويقوم عند رأس الرجل، وعجيزة المرأة؟ قال: نعم، رواه أبو داوود والترمذي وابن ماجه، وهذا الحديث يدل على أن مشروعية مقام الإمام كذلك، وهو يبطل تأويل من قال: إن مقام النبي صلى الله عليه وسلم وسط جنازة أم كعب .. إنما كان من أجل جنينها حتى يكون أمامه، بل كان ذلك، لأن حكم مشروعيته ذلك. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحيض، باب الصلاة على النفساء إذا ماتت في نفاسها، باب أين يقوم من المرأة والرجل، ومسلم في كتاب الجنائز، باب أين يقوم الإمام من الميت للصلاة عليه، وأبو داوود في كتاب الجنائز، باب أين يقوم الإمام من الميت إذا صلى عليه،