المصابيح": المراد بالثوب الواحد: القبر الواحد؛ إذ لا يجوز تجريدهما بحيث تتلاقى بشرتهما. انتهى، ونقله غير واحد، وأقروه عليه، لكن ظاهر الحديثِ يرده، بقي أنه ما معنى ذلك والشهيد يدفن بثيابه التي كانت عليه؟ فكان هذا فيمن قطع ثوبه ولم يبق على بدنه شيء أو بقي منه قليل لكثرة الجروح، وعلى تقدير بقاء شيء من الثوب السابق فلا إشكال؛ لكونه فاصلًا عن ملاقاة البشرة، وأيضًا قد اعتذر بعضهم عنه بالضرورة، وقال بعضهم: جمعهما في ثوب واحد هو أن يقطع الثوب الواحد بينهما. انتهى "سندي".
(ثم يقول) رسولى الله صلى الله عليه وسلم: (أيهم) أي: أيُّ هؤلاء الشهداء (أكثر أخذًا للقرآن؟ ) أي: حفظًا له، (فإذا أشير له) صلى الله عليه وسلم (إلى أحدهم .. قدمه) إلى جهة القبلة (في اللحد، وقال) صلى الله عليه وسلم: (أنا شهيد على هؤلاء) فعلى بمعنى اللام؛ أي: شهيد لهم يوم القيامة عند ربي بأنهم بذلوا أرواحهم لله تعالى، وفيه تشريف لهم وتعظيم، وإلا .. فالأمر معلوم عند الله تعالى، (وأمر بدفنهم في دمائهم) أي: مع دمائهم بلا غسلها عنهم؛ لأنها تشهد لهم يوم القيامة، (ولم يصل عليهم) صلاة الجنازة، (ولم يُغسلوا) غسلًا كغسل الميت؛ لاستغنائهم عن طهارة الغير بما نالوا من الشهادة.
قوله:(ولم يصل عليهم) يقول به من لا يرى الصلاة على الشهيد، ومن يراها .. فقد تقدم تأويله.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في مواضع كثيرة؛ منها