في كتاب الجنازة، باب مَنْ يُقدَّم في اللحد، بابُ الصلاة على الشهيد، بابُ من لم ير غسلَ الشهيد، ومنها غَيْرَها، وأخرجه أبو داوود في كتاب الجنائز، باب في الشهيد يُغسل، والترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قَتْلَى أحد من حديث أنس، والنسائي في كتاب الجنائز.
فدرجةُ الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.
وقال الخطابي: وفي هذا الحديث من الفقهِ أن الشهيد لا يغسل، وهو قول عامة أهل العلم، وفيه أنه لا يصلى عليه، وإليه ذهب أكثر أهل العلم، وقال أبو حنيفة: لا يغسل، ولكن يصلى عليه، ويقال: إن المعنى في ترك غسله ما جاء أن الشهيد يأتي يوم القيامة وكَلْمُه يَدْمَى؛ الريحُ ريحُ مسك، واللونُ لون الدم، وقد يُوجد الغسل في الأحياء مقرونًا بالصلاةِ، وكذلك الوضوءُ، فلا يجب التطهير على أحدٍ إلا مِنْ أَجْلِ صلاة يصُلِّيها، ولأن الميت لا فِعْلَ له، فأُمِرنا أن نغسلَه لِنصلِّي عليه، فإذا سقطَ الغسلُ .. سقطَتْ الصلاةُ عليه.
وفيه جوازُ أن يُدفن الجماعةُ في القبر الواحد، وأن أفضلهُم يُقدَّم إلى القبلة، وإذا ضاقت الأكفانُ وكانت الضرورة .. جاز أن يُكفن الجماعةُ منهم في الثوب الواحد. انتهى، انتهى من "العون".
قوله:(ولم يصل عليهم) قال الخطابي: وقد تأول قوم ترك الصلاة على قتلى أحد على معنى اشتغاله في ذلك اليوم عنهم، وليس هذا بتأويل صحيح؛ لأنه قد دفنهم مع قيام الشغل، ولم يتركهم على وجه الأرض، وأكثر الروايات أنه لم يصل عليهم، وقد تأول بعضهم ما ورد من صلاته على حمزة، فحملها على الصلاة اللغوية وجعلها الدعاء له زيادة خصوصية له وتفضيلًا له على سائر