أحدها: أنه ضعيف لا يصح الاحتجاج به، قال أحمد بن حنبل: هذا حديث ضعيف تفرد به صالح مولى التوءمة، وهو ضعيف.
والثاني: أن الصحيح الذي في النسخ الصحيحة المسموعة من نسخ "أبي داوود": "ومن صلى على جنازة في المسجد .. فلا شيء عليه" ولا حجة لهم فيه حينئذ.
الثالث: أنه لو ثبت الحديث وثبت أنه قال: (فلا شيء له) .. وجب تأويله على (فلا شيء عليه) ليجمع بين الروايتين وبين هذا الحديث حديث سهيل بن البيضاء، وقد جاء لفظ له بمعنى عليه؛ كقوله تعالى:{وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا}(١).
الرابع: أنه محمول على نقص الأجر في حق من صلى في المسجد ورجع ولم يشيعها إلى المقبرة؛ لما فاته من تشييعه إلى المقبرة وحضور دفنه، والله أعلم.
وفي حديث سهيل دليل على طهارة الآدمي الميت، وهو الصحيح في مذهبنا. انتهى "نواوي"، قال القرطبي: وقد اختلف قول الشافعي ومالك وأصحابهما، وقال بعض المتأخرين: الخلاف إنما يصح في المسلمين لا الكافرين؛ فإنهم متفقون على نجاسة الميت منهم، وهذا القول حسن؛ لأنه قد تقرر الإجماع على أن الموت بغير ذكاةٍ سبب التنجس فيما له نفس سائلة مطلقًا، وهذا يقتضي تنجس الميت المسلم، إلا أنه قد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن المؤمن لا ينجس" رواه السبعة، فهل يحمل هذا على أنه لا ينجس حيًّا وميتًا فيستثنى عن تلك القاعدة الكلية؟ أو يحمل على أنه لا ينجس ما دام حيًّا وهو الذي خُرِّج عليه الحديثُ، وتحمل تلك القاعدة الكلية على أصلها،