قوله:(لما توفي عبد الله بن أُبي) في ذي القعدة سنة تسع منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك، وكانت مدة مرضه عشرين ليلة ابتداؤها من ليال بقيت من شوال، (جاء ابنه) عبد الله بن عبد الله، وكان من فضلاء الصحابة وخيارهم (إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله؛ أعطني قميصك .. أكفنه فيه) بالجزم جواب الأمر، والضمير لعبد الله بن أُبي؛ يعني: في (أكفنه)، وفي قوله:(فيه) للقميص.
(فقال) له: (رسول الله صلى الله عليه وسلم): فـ (آذنوني) أي: أعلموني (به) أي: بدفنه؛ أي: أخبروني إذا فرغتم من تجهيزه وتكفينه، فآذنوه؛ أي: فلما فرغوا من تجهيزه .. آذنوه فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إليه للصلاة عليه، (فلما أراد البي صلى الله عليه وسلم أن يصلي عليه .. قال له عمر بن الخطاب) رضي الله عنه: (ما ذاك) أي: ما الصلاة عليه جائزًا (لك) يا رسول الله.
قول عمر:(ما ذاك لك) أي: فيما يظهر لنا من قوله: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ}(١) فإن عمر فهم منه المنع، فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أنه تخيير، ثم جاءه المنع بعده، وبالجملة: فأراد عمر بذلك استكشاف حقيقة الأمر، وأن هذا الذي يظهر لنا أنه منع هل هو منع أم لا؟ ولم يرد تخطئة فعله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه ليس لعمر ذلك إلا أن يقال: يمكن أنه جوز عليه السهو، فأراد أن يذكره صلى الله عليه وسلم، فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ذاكرًا لرد ما زعمه عمر منعًا، وأن ما زعمته منعًا ليس بمنع، وإنما هو تخيير. انتهى "سندي".