للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا بَيْنَ خِيرَتَيْنِ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ}، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}.

===

فأبى النبي صلى الله عليه وسلم عن قبول عمر، (فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم) أي: على عبد الله بن أُبي (فقال له) أي: لعمر (النبي صلى الله عليه وسلم: أنا) يا عمر (بين خيرتين) -بخاء معجمة مكسورة ومثناة تحتية مفتوحة- تثنية خيرة، كعنبة؛ أي: أنا مخير بين الأمرين: الاستغفار وعدمه؛ حيث قال لي ربي: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ} إن شئت ({أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ}) أي: إن شئت، قال البيضاوي: يريد التساوي بين الأمرين في عدم الإفادة لهم، كما نص عليه بقوله تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} (١)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لأزيدن على السبعين" ففهم من السبعين العدد المخصوص؛ لأنه الأصل.

(فأنزل الله عز وجل) في صلاته عليهم: ({وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا}) لأن الصلاة دعاء للميت واستغفار له، وهو ممنوع في حق الكافر، وإنما لم يُنْهَ عن التكفين في قميصه، ونهي عن الصلاة عليه؛ لأن الضنة بالقميص كان مخلًا للكرم، ولأنه كان مكافأة لإلباسه العباس قميصه يوم بدر، ({وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}) (٢) للدفن أو الزيارة، واستشكل تخييره عليه الصلاة والسلام بين الاستغفار لهم وعدمه مع قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ... } الآية (٣)؛ فإن هذه الآية نزلت بعد موت أبي طالب حين


(١) سورة التوبة: (٨٠).
(٢) سورة التوبة: (٨٤).
(٣) سورة التوبة: (١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>