(كانت تقم المسجد) النبوي -بضم القاف من باب شد- أي تُكنِّس القُمامة -بضمها أيضًا- أي: تجمعها وترميها خارجَه، (ففقَدَهَا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها) أي: عن تلك المرأة؛ أي: عن حالها هل سافرت أو ماتت؟ (بعد أيام) قلائل من موتها، (فقيل له) صلى الله عليه وسلم في جواب سؤاله عنها -وقد تقدم قريبًا أن المجيب عن سؤاله أبو بكر الصديق- أي: فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها، ومفعوله محذوف؛ أي: الناس، فقالوا له:(إنها) أي: إن تلك المرأة (ماتت) قبل أيام، فـ (قال) لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (فهلا) حرف تحضيض، وفي رواية مسلم:(أفلا) بالاستفهام التوبيخي (آذنتموني) من الإيذان؛ أي: هلا أعلمتموني وأخبرتموني بموتها حين ماتت؛ لِأُصلِّيَ عليها، وفي رواية أنس زيادة:(فكأنهم صغروا أمرها) أي: حقروا شأنها، وفي رواية مسلم زيادةُ:(دُلُّونِي على قبرها فدَلُّو).
(فأَتَى) النبيُّ صلى الله عليه وسلم (قبرَها، فصلى عليها) أي: على قبرها، وهذا موضع الترجمة من الحديث، قال القرطبي: وسؤاله صلى الله عليه وسلم عن هذه المسكينة يدل على كمال تفضله، وحسن تعهده وكرم أخلاقه، وتواضعه ورأفته ورحمته، وتنبيهه إياهم على ألا يُحتقر مسلمٌ ولا يُصغَّر أَمْرُهُ. انتهى من "المفهم"، وهذا موضع الترجمة من الحديث.
قلت: قال بعضُ مَنْ لم يُجوِّز الصلاة على القبر: إن القبر الرطب الذي في حديث ابن عباس يحتمل أن يكون قبر السوداء التي كانت تقم المسجد،