أحدكم) بفتح اللام؛ لأنها لام القسم أو لام الابتداء؛ أي: لجلوس أحدكم (على جمرةٍ) ومِيقَدَةٍ وشُعْلَةٍ من نار (تحرقه) أي: تحرق ثيابه وبدنه، وفي رواية مسلم زيادة:(فتحرق ثيابه فتخلص إلى جسده .. خير له من أن يجلس على قبر) أي: خير له وأَسْلَمُ من جلوسه على قبرِ مسلم، والظاهر العموم. قال السندي: قوله: "لأن يجلس" بفتح اللام مبتدأ، خبره (خير له من أن يجلس على قبر).
قيل: أراد القُعودَ لقضاءِ الحاجة، أو الإِحْدادِ والحزن بأن يُلازمه لا يَرْجِعُ عنه، أو أراد احترامَ الميت وتهويلَ الأمر في القعود عليه تهاونًا بالميتِ والموتِ أقوال، قال الطيبي: النهي هو نهي عن الجلوس لقضاءِ الحاجة عليهِ؛ لمَا رُوي أنَّ عليًّا كان يَقْعدُ عليه، وحرَّمَه أصحابنا، وكذا الاستنادُ والاتكاءُ، كذا في "المجمع".
قلت: ويُؤَيد الحَمْلَ على ظاهره ما جاء من النهي عن وطئه. انتهى منه، وفي "الأزهار" نقلًا عن بعض العلماء أن يُحملَ ما فيه التغليظُ من هذه الأحاديث على الجلوس للحدث؛ فإنه يحرمُ وما لا تغليظَ فيه على الجلوس المطلقِ؛ فإنه مكروه، وهذا تفصيلٌ حسنٌ، وفي الحديث جَعَلَ الجلوسَ على القبرِ وسِرَايةَ مضرتهِ إلى قَلْبهِ، وهو لا يشعرُ بمنزلةِ سراية النار من الثوب إلى الجلد، والله أعلم. انتهى "كوكب".
قوله: "لأن يجلس" قال القرطبي: اختلف في معناه: فمنهم من حمله على ظاهره من الجلوس، ورأَىَ أَنَّ القبر يُحترم كما يحترم المسلم المدفون فيه فيعامل بالأدب وبالتسليم عليه وبغير ذلك، ولا شك في أن التخفِيَ على القبور وبَيْنَهَا ممنوع إما بهذا الحديثِ، وإما بغيره كحديث المَلَاعِن الثلاثِ، فإنه