يا رسول الله؛ إلا آل فلان؛ فإنهم كانوا أسعدوني في الجاهلية، فلا بد لي أن أسعدهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إلا آل فلان"، قال النووي: هذا محمول على الترخيص لأم عطية في آل فلان خاصة؛ كما هو ظاهر، ولا تحل النياحة لغيرها، ولا لها في غير آل فلان؛ كما هو صريح في الحديث، وللشارع أن يخص من العموم ما شاء، فهذا صواب الحكم في هذا الحديث.
واستشكل القاضي عياض وغيره هذا الحديث، وقالوا فيه أقوالًا عجيبة، ومقصودي: التحذير عن الاغترار بها، حتى إن بعض المالكية قال: النياحة ليست بحرام بهذا الحديث، وقصد نساء جعفر، قال: وإنما المحرم ما كان معه شيء من أفعال الجاهلية؟ كشق الجيوب وخمش الخدود، والصواب ما ذكرناه أولًا، وأن النياحة حرام مطلقًا، وهو مذهب العلماء كافةً، وليس فيما قاله هذا القائل دليل صحيح لما ذكره. انتهى.
قلت: دعوى تخصيص الترخيص بأم عطية رضي الله تعالى عنها .. غير صحيحة؛ فقد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة الأنصارية؛ كما في حديثها هذا، وأخرج ابن مردويه من حديث ابن عباس قال: لما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء فبايعهن {أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا ... } الآية (١) .. قالت خولة بنت حكيم: يا رسول الله؟ كان أبي وأخي ماتا في الجاهلية، وإن فلانة أسعدتني، وقد مات أخوها ... الحديث، وأخرج أحمد والطبري من طريق مصعب بن نوح قال: أدركت عجوزًا لنا كانت فيمن بايع النبي صلى الله عليه وسلم قالت: فأخذ علينا "ولا تنحن"، فقالت عجوز: يا نبي الله؛ إن ناسًا كانوا أسعدونا على مصائب أصابتنا، وإنهم قد أصابتهم