للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ فِي بَنِي آدَمَ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ".

===

(التي جعلها الله) تعالى وخلقها (في) قلوب الرحماء من (بني آدم) فلا مؤاخذة عليها، (وإنما يرحم الله من عباده الرحماء) بالنصب على أن (ما) في قوله: "وإنما" كافة، وبالرفع على أنها موصولة؛ أي: وإن الذين يرحمهم الله تعالى من عباده الرحماء؛ جمع رحيم من صيغ المبالغة، ومقتضاه: أن رحمته تختص بمن اتصف بالرحمة وتحقق بها، بخلاف من فيه أدنى رحمة، لكن ثبت في حديث عبد الله بن عمرو عند أبي داوود وغيره: "الراحمون يرحمهم الرحمن"، والراحمون جمع راحم، فيدخل فيه كل من فيه أدنى رحمة. انتهى من "الإرشاد".

قال القرطبي: قوله: "هذه رحمة" أي: رقة يجدها الإنسان في قلبه تبعثه على البكاء من خشيته، وعلى أفعال الخير والبر، وعلى الشفقة على المبتلى، وعلى المصاب، ومن كان كذلك .. جازاه الله برحمته، وهو المعني بقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما يرحم الله من عباده الرحماء وضد ذلك: القسوة في القلوب الباعثة على الإعراض عن الله تعالى وعن أفعال الخير، ومن كان كذلك .. قيل فيه: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} (١). انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري، ومسلم، وأبو داوود، والنسائي، والبيهقي، وعبد الرزاق، وابن الأعرابي في "معجمه".

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة.

* * *

ثم استشهد له ثانيًا بحديث أسماء بنت يزيد رضي الله تعالى عنهما، فقال:


(١) سورة الزمر: (٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>