للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللهُمَّ؛ عِنْدَكَ احْتَسَبْتُ مُصِيبَتِي فَأْجُرْنِي فِيهَا وَعَوِّضْنِي مِنْهَا .. إِلَّا آجَرَهُ اللهُ

===

تتضمن الأمر بها؛ كما أن المذمومة فيه تقتضي النهي عنها، {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (١).

قال القرطبي: قوله: "فيقول ما أمر الله به" هو تنبيه على قوله: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ....... } إلى آخره (٢)، مع أنه ليس فيها أمر بذلك القول، وإنما تضمنت مدح من قاله، فيكون ذلك القول مندوبًا، والمندوب مأمور به؛ أي: مطلوب، وإن جاز تركه، وقال أبو المعالي: لَمْ يختلف الأصوليون في أن المندوب مطلوب، وإنما اختلفوا هل يسمى مأمورًا به؛ قلت: وهذا الحديث يدلُّ على أنه يسمى بذلك، وقوله: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (٣) كلمة اعتراف بالملك لمستحقه، وتسليم له فيما يجريه في ملكه، وتهوين للمصيبات بتوقع ما هو أعظم منها، وبالثواب المرتب عليها، وتذكير المرجع والمال الذي حكم به ذو العزة والجلال.

ثم قال بعد قوله الآية المذكورة: (اللهم؛ عندك احتسبت) أي: ادخرت أجر الصبر على (مصيبتي، فأجرني) أي: أثبني وأعطني الأجر على مصيبتي، وهو مقروءٌ بسكون الهمزة وضم الجيم، ويجوز مد الهمزة على أنه من باب الأفعال؛ أجره يأجره، وآجره يؤجره، بالقصر والمد؛ إذا أثابه وأعطاه الأجر (فيها) أي: عليها، (وعوضني) - بتشديد الواو - من التعويض؛ أي: واجعل لي عوضًا وبدلًا (منها) أي: مما فاتني في هذه المصيبة خيرًا من الفائت فيها، والمعنى: ما من مسلم يصاب بمصيبة فيفزع؛ أي: فيبادر إلى قول ما أمر الله بقوله، ثم يقول: اللهم؛ عندك احتسبت مصيبتي ... إلى آخره .. (إلَّا آجره الله


(١) سورة البقرة: (١٥٧).
(٢) سورة البقرة: (١٥٥).
(٣) سورة البقرة: (١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>