للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: فَتَشَرَّفَ لَهَا النَّاسُ، فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ ابْنَ الْجَرَّاحِ.

===

الأمانة أو مستحقًا لأن يقال له: أمين، أو بلغ في الأمانة الغاية القصوى، قال القرطبي: الأمانة: ضد الخيانة؛ وهي قوة الرجل على القيام بحفظ ما وكل إلى حفظه؛ مأخوذة من قولهم: ناقة أمون؛ أي: قوية على الحمل. انتهى.

قيل: الأمانة كانت صفة مشتركة بين أبي عبيدة وبين غيره من الصحابة، لكن النبي صلى الله عليه وسلم خص بعضهم بصفات غلبت عليه، وكان بها أخص، وقيل: خصه بالأمانة لكمال هذه الصفة فيه. انتهى "سندي".

(قال: فتشرف) أي: تطلع (لها) أي: للولاية ورغبوا فيها حرصًا على تحصيل هذه الصفة المذكورة وهي الأمانة، لا على الولاية من حيث هي، وفي نسخة: (فتشرف له) أي: للبعث (الناس، فبعث أبا عبيدة بن الجراح).

قال النواوي: أصحابه صلى الله عليه وسلم فضلاء مختارون لمختار، وإنما أخبر عن كل واحد بما هو الأغلب فيه؛ ففي "الترمذي" من حديث أنس رضي الله عنه: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياءً عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ، وأفرضهم زيد، وأقرؤهم أُبي، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة".

ولما دخل عمر الشام يتفقد أحوال الناس أراد أن يدخل منزل أبي عبيدة، وهو أمير الشام حينئذ، قال له أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين؛ لئن دخلت لتعصرن عينيك، فدخله فلم ير فيه ما يقع عليه البصر أكثر من سلاحه وأداة رحل بعيره، فبكى عمر، وقال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنت أمين هذه الأمة، وفي طريق: أنه لما دخل عمر منزله ووجد فيه ما ذكر، وجد فراشه طنفسة رحله، ومتوسده حقيبة، فقال عمر: ألا اتخذت ما اتخذ أصحابك؟ قال: يا أمير المؤمنين؛ هذا يبلغني المقيل، وقَتَل أباه يوم بدر، وأتى برأسه إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>