صحته ما رواه أبو هريرة مكان:(فاقدروا له): (فأكملوا العدد ثلاثين)، وهذا الحديث حجة على من حمل (فاقدروا له) على معنى تقدير المنازل القمرية، واعتبار حسابها، وإليه صار ابن قتيبة من اللغويين، ومطرف بن عبد الله الشخير من كبار التابعين، ومن الحجة أيضًا على هؤلاء قوله صلى الله عليه وسلم:"إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب" فألغى الحساب ولم يجعله طريقًا لذلك؛ لأن الناس لو كلفوا به .. لضاق عليهم الأمر؛ لأنه لا يعرفه إلا أفراد من الناس. انتهى من "المفهم".
قوله:"فصوموا إذا رأيتموه" ليس المراد: تعليق الصوم بالرؤية في حق كل أحد، بل المراد بذلك: رؤية بعضهم؛ وهو من يثبت به ذلك، إما واحد على رأي الجمهور، أو اثنان على رأي آخرين، ووافق الحنفية على الأول، إلا أنهم خصوا ذلك بما إذا كان في السماء مانع من غيم وغيره، وإلا .. فمتى كان صحو .. فلا يقبل إلا من جمع كثير يقع العلم بخبرهم؛ لبعد خفائه عما سوى الواحد. انتهى "فتح الملهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا رأيتم الهلال .. فصوموا"، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، وأبو داوود في كتاب الصيام، باب الشهر يكون تسعًا وعشرين، والنسائي في كتاب الصيام، باب إكمال شعبان ثلاثين يومًا إذا كان غيم، وأحمد، والدارمي، وابن خزيمة، والبيهقي، والطيالسي في "مسنده"، وابن حبان في كتاب الصيام، باب رؤية الهلال.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.