لمشاتمته، أو أراد أن يقاتله؛ أي: أراد أن يفعل به فعلًا يؤدي إلى القتل؛ يعني: إن تهيأ أحد لمشاتمته أو مقاتلته .. (فليقل) لذلك الشاتم أو المقاتل؛ أي: فليقل له بلسانه: (إني امرؤ صائم) ليسمعه الشاتم فيَنْزَجِرَ عن شتمه، أو ليحدث به نفسه؛ ليمنعها من مجازاة الشاتم، ولو جمع بين الأمرين .. لكان حسنًا، وفي رواية مسلم تكرير:(إني صائم) مرتين للتأكيد. انتهى من "المبارق".
فإن أصرَّ على قتاله .. دفعه بالأخف؛ كالصائل، والمراد من الحديث: أنه لا يعامل بمثل عمله، بل يقتصر على قوله:(إني صائم)، ونقل الزركشي: أو المراد بقوله: "فليقل: إني صائم" مرتين؛ يقوله مرةً بقلبه، ومرةً بلسانه، فيستفيد بقوله بقلبه كَفَّهُ لسانه عن خصمه، وبقوله بلسانه كَفَّ خصمه عنه، وتُعقِّب بأن القول حقيقة باللسان، وأجيب بأنه لا يمنع المجاز. انتهى "فتح الملهم". قال السندي: قوله: "فلا يرفث" أي: لا يفحش في الكلام، "ولا يجهل" أي: لا يفعل شيئًا من مقتضيات الجهل، "فإن جهل" أي: خاصمه أحد قولًا أو فعلًا وتسبب لمخاصمته بأحد الوجهين .. "فليقل" أي: فليذكر بالقلب صومه؛ ليرتدع به عن مقابلته بالمثل، أو ليقل باللسان تثبيتًا لما في القلب وتوكيدًا، وليدفع خصمه بهذا الكلام ويعتذر عنده من المقابلة؛ بأن حاله لا يناسب المقابلة اليوم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الإمام مسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن الرفث والجهل في الصيام، والنسائي في كتاب الصيام أيضًا.