(قال) زيد بن ثابت: (تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال ابن أبي جمرة: في الحديث تأنيس الفاضل بأصحابه بالمؤاكلة، وجواز المشي بالليل للحاجة؛ لأن زيد بن ثابت ما كان يبيت مع النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه الاجتماع على السحور، وفيه حسن الأدب في العبارة؛ لقوله:(تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم)، ولم يقل:(نحن ورسول الله صلى الله عليه وسلم) لما يشعر لفظ المعية بالتبعية.
(ثم قمنا إلى الصلاة) أي: إلى صلاة الفجر، والحديث كما يدل على تأخير السحور .. كذلك يدل على تعجيل صلاة الفجر. انتهى "سندي"، قال أنس:(قلت) لزيد: (كم بينهما؟ ) أي: كم قدر ما بين السحور وصلاة الفجر من الزمن، (كم): استفهامية في محل الرفع مبتدأ، (بينهما): ظرف متعلق بالخبر المحذوف، وفي رواية مسلم:(كم كان قدر ما بينهما؟ )، وعلى هذه الرواية (كم): استفهامية في محل النصب خبر مقدم لكان؛ للزومها الصدارة.
(قال) زيد لأنس: كان بينهما (قدر) زمن (قراءة خمسين آية) وفي الحديث الحث على تأخير السحور إلى قبيل الفجر. انتهى "نووي"، وفي "البخاري": (قدر خمسين آية) أي: متوسطة؛ لا طويلة ولا قصيرة، ولا سريعة ولا بطيئة، قال الحافظ: يعني: قدر ثلث خمس ساعة - أي: أربع دقائق - ولعلها: مقدار ما يتوضأ، فأشعر ذلك بالتغليس الشديد في رمضان، وهو أيسر لعامة المصلين من حيث حضورهم الجماعة، وأهون عليهم من الإسْفَار إذا أخروا السحور جدًّا؛ كما يعلم بالتجربة، والله أعلم.
قال المهلب وغيره: وفيه تقدير الأوقات بأعمال البدن، وكانت العرب تقدر