الأوقات بالأعمال؛ كقولهم:(قدر حلب شاة) و (قدر نحر جزور)، فعدل زيد بن ثابت عن ذلك إلى التقدير بالقراءة؛ إشارة إلى أن ذلك الوقت كان وقت العبادة بالتلاوة، ولو كانوا يقدرون بغير العمل .. لقال مثلًا:(قدر درجة) أو (ثلث خمس ساعة)، وقال ابن أبي جمرة: فيه إشارة إلى أن أوقاتهم كانت مستغرقة بالعبادة بالتلاوة، وفيه تأخير السحور؛ لكونه أبلغ في المقصود.
قال ابن أبي جمرة: كان صلى الله عليه وسلم ينظر إلى ما هو الأرفق بأمته فيفعله؛ لأنه لو لم يتسحر .. لاتبعوه، فيشق على بعضهم، ولو تسحر في جوف الليل .. لشق أيضًا على بعضهم ممن يغلب عليه النوم؛ فقد يفضي إلى ترك الصبح، أو يحتاج إلى المجاهدة بالسهر، وقال: فيه أيضًا تقوية على الصيام؛ لعموم الاحتياج إلى الطعام، ولو ترك .. لشق على بعضهم، لا سيما من كان صفراويًا؛ فقد يغشى عليه، فيفضي إلى الإفطار في رمضان.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت الفجر، وفي كتاب الصيام، باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر، ومسلم في كتاب الصيام، باب ما جاء في فضل السحور، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في تأخير السحور، قال أبو عيسى: حديث زيد بن ثابت حديث حسن صحيح، وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق؛ استحبوا تأخير السحور، والنسائي في كتاب الصيام، باب قدر ما بين السحور وبين صلاة الصبح.
وهدا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.