وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قالت) حفصة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا صيام) صحيحًا (لمن لم يفرضه) أي: لمن لم يجزم نيته (من الليل) أي: في بعض ساعات الليل؛ يعني: قبل الفجر الصادق؛ مأخوذ من فرضه؛ إذا قدره وجزمه؛ أي: لمن لم ينوه في الليل نية جازمة بلا تعليق يقيني بلا شك، فحمله كثير منهم على صيام الفرض؛ لأنه المتبادر، وفي رواية الترمذي وأبي داوود: (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يجمع" -بضم أوله وكسر الميم- من أجمع الرباعي؛ أي: لم يجزم نية (الصيام قبل الفجر، فلا صيام له").
قال في "النهاية": الإجماع: إحكام النية والعزيمة، يقال: أجمعت الرأي وأزمعته وعزمت عليه بمعنىً. انتهى، والمعنى: من لم يصمم العزم على الصوم (قبل الفجر) أي: قبل الفجر الصادق .. (فلا صيام له) ظاهره: أنه لا يصح الصوم بلا نية قبل الفجر فرضًا كان أو نفلًا، وإليه ذهب ابن عمر وجابر بن زيد ومالك والمزني وداوود، وذهب الباقون إلى جواز النفل بنية من النهار، وخصصوا هذا الحديث بما روي عن عائشة أنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيني ويقول: "أعندك غداء؟ " فأقول: لا، فيقول: "إني صائم"، وفي رواية: "إني إذًا لصائم"، و (إذًا) للاستقبال، وهو جواب وجزاء، كذا في "المرقاة"، قلت: والظاهر الراجح هو ما ذهب إليه الباقون. انتهى "تحفة الأحوذي".
قال أبو عيسى: حديث حفصة حديث لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وقد روي عن نافع عن ابن عمر قوله، وهو أصح، وإنما معنى هذا الحديث عند بعض أهل العلم: لا صيام لمن لم يجمع الصيام قبل طلوع الفجر في