للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

.. تمام السنة ذكرًا للجزء وإرادةً للكل. انتهى منه.

وأول النووي وغيره المباعدة من النار بالمعافاة منها دون أن يكون المراد: البعد عنها بهذه المسافة المذكورة في الحديث.

قلت: لا مانع من إرادة الحقيقة على ما لا يخفى، ثم هذا يقتضي إبعاد النار عن وجه الصائم المذكور، وفي أكثر الطرق إبعاد الصائم نفسه، فإذا كان المراد بالوجه: الذّات؛ كما في قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (١) .. يكون معناهما واحدًا، وإن كان المراد: حقيقة الوجه .. يكون الإبعاد من الوجه فقط، وليس فيه أن يبقى الجسد في النار لتناله، إلا أن الوجه كان أبعد من النار من سائر جسده؛ وذلك لأن الصيام يحصل منه الظمأ، ومحله الفم؛ لأن الري يحصل بالشرب بالفم، كذا في "عمدة القاري على البخاري".

وقوله: "سبعين خريفًا" والخريف: زمان معلوم من السنة، والمراد به هنا: العام، وتخصيص الخريف بالذكر دون بقية الفصول: الربيع والصيف والشتاء؛ لأن الخريف أزكى الفصول؛ لكونِهِ تجنى فيه الثمار، قال القرطبي: ورد ذكر السبعين لإرادة التكثير كثيرًا؛ كقوله تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} (٢)، والخريف: فعيل بمعنى مفتعل؛ أي: مخترف؛ وهو الزمان الذي تخترف فيه الثمار. انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب فضل الجهاد، باب فضل الصوم في سبيل الله، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل من صام


(١) سورة القصص: (٨٨).
(٢) سورة التوبة: (٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>