(فجعل الغلام) أي: شرع الغلام (يفر) ويهرب من النبي صلى الله عليه وسلم (ها هنا) أي: إلى جهة يمينه تارة (وها هنا) أي: وإلى جهة يساره أخرى كعادة الصغار إذا أراد أحد أن يأخذهم (ويضاحكه النبي صلى الله عليه وسلم) أي: يفعل به ما يضحكه (حتى) قام له الغلام و (أخذه، فجعل) أي: النبي صلى الله عليه وسلم (إحدى يديه) صلى الله عليه وسلم (تحت ذقنه) أي: تحت ذقن الغلام، (و) يده (الأخرى في فأس رأسه) بالهمزة هو طرف مؤخر شعر رأسه المنتشر على القفا، قال في "الإفصاح": الفأس: حرف القَمَحْدُوَة المشرف على القفا، والقمحدوة: هي الناشرة فوق القفا بين الذؤابة قد انحدرت عن الهامة إذا استلقى الرجل .. أصابت الأرض من رأسه. انتهى من هامش بعض النسخ. (فقبله) أي: قبل النبي صلى الله عليه وسلم الغلام في وجهه وفمه، (وقال) النبي صلى الله عليه وسلم؛ أي: ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (حسين مني) أي: من نسلي، (وأنا من حسين) أي: ممن يحبه؛ أي: بيننا من الاتحاد والاتصال ما يصح أن يقال كل منهما من الآخر، قال القاضي: كأنه صلى الله عليه وسلم علم بنور الوحي ما سيحدث بينه وبين القوم، فخصه بالذكر، وبيّن أنهما كالشيء الواحد في وجوب المحبة وحرمة التعرض والمحاربة، وأكد ذلك بقوله: (أحب الله) سبحانه وتعالى (من أحب حسينًا) فإن محبته محبة الرسول، ومحبة الرسول محبة الله.