قوله:(صلى الصبح، ثم دخل المكان الذي يريد أن يعتكف فيه) قال الحافظ: فيه أن أول الوقت الذي يدخل فيه المعتكفُ بعد صلاة الصبح، وهو قول الأوزاعي والليث والثوري، وقال الأئمة الأربعة وطائفة: يدخل معتكفه قبيل غروب الشمس؛ أي: شمس يوم العشرين، وأولوا الحديث على أنه دخل من أول الليل؛ أي: ليلة الحادي والعشرين، ولكن إنما تخلى بنفسه في المكان الذي أعده لنفسه بعد صلاة الصبح، وهذا الجواب يشكل على من منع الخروج بعد الدخول فيه، وأجاب عن هذا الحديث بأنه صلى الله عليه وسلم لم يدخل المعتكف ولا شرع في الاعتكاف، وإنما هم به، ثم عرض له المانع المذكور فيما سيأتي في الحديث، فتركه، فعلى هذا فاللازم أحد الأمرين: إما أن يكون شرع في الاعتكاف، فيدل على جواز الخروج، وإما ألا يكون شرع فيه، فيدل على أن أول وقته بعد صلاة الصبح. انتهى.
قلت: وأوله بعضُ علماءِ العَصْرِ بأنه يحتمل أن يكون المراد بالفجر: فجر يوم العشرين، فكأنه صلى الله عليه وسلم بادر إلى اعتكاف العشر قبل وقته، وقيل: إنما كان دخوله؛ لينظر بما يحتاج إليه ويهيئه لاعتكافه وهو غير معتكف، ثم يخرج فيصلي المغرب، ثم يدخل في الاعتكاف، والله أعلم. انتهى "فتح الملهم".
(فأمر) معطوف على أراد؛ أي: فأمر من عنده من الخدم بضرب الخباء له (فضرب) بالبناء للمجهول؛ أي: رفع (له) صلى الله عليه وسلم (خباء) أي: خيمة على عموده؛ أي: رفع له على أعمدته ليدخل فيه، ويتخلى عن الناس لعبادة ربه، والخباء - بكسر الخاء المعجمة ثم بالموحدة وبالمد -: الخيمة